Headlines News :
Home » » الجزء الأول من حوار عمر سليمان لازم تقرأوه

الجزء الأول من حوار عمر سليمان لازم تقرأوه



«اليوم السابع» فى مواجهة شاملة مع عمر سليمان: المخابرات العامة كانت «الصدر الحنون» لـ«الإخوان» لحل مشاكلهم قبل الثورة واسألوا قيادات الجماعة.. وتصدير الغاز يعنى أن 40% من كهرباء إسرائيل تحت أيدينا

أجرى الحوار خالد صلاح - تصوير عصام الشامى
نقلا عن اليومى.. الجزء الأول من الحوار..

◄ ترشحت بناء على مطالب الجماهير وأخاف على مصر من سيطرة قوة واحدة على كل السلطات
◄ سأحمل قانون منعى من الترشح على صدرى ليعرف الجميع أننى «الرجل الذى اجتمع برلمان ديمقراطى على منعه من ممارسة حقوقه بلا سبب»

◄ إذا صدق المشير على القانون ولم يحله للدستورية فسأرفع دعوى قضائية للدفاع عن موقفى القانونى
◄ طلبت من مبارك حل مجلس الشعب بعد تقديم 400 طعن أمام القضاء لكن قيادات «الوطنى» أقنعته بضرورة استمرار البرلمان وهذه القيادات عارضت تعيينى نائبا للرئيس فى عام 2007

أبديت للسيد عمر سليمان منذ الدقائق الأولى للحوار لماذا أتحفظ من جانبى على ترشيحه للسباق الرئاسى، كان الرجل يعلم موقفى تماما، وكانت لديه ملاحظات أيضا على ما كتبته هنا فى «اليوم السابع» من نقد لإقدامه على خوض الانتخابات، فقضينا الجزء الأول من الحوار فى هذا السجال بيننا، هو يعرض رؤيته فى الأسباب التى دفعته إلى تغيير موقفه، من الزهد الكامل والعزوف المطلق عن العمل السياسى، ثم الانتقال إلى الإصرار العنيد على المنافسة رغم هذا الغضب فى الميدان والبرلمان وفى صفوف الثورة، وفى المواجهة كنت أوضح أنا من جانبى محاذير هذا الترشح وأخطاره وما ينذر به من تصعيد سياسى قد ينقلب عنفا يهدد ما أنجزته مصر أو يعيدنا إلى المربع رقم صفر (الثورة فى مواجهة النظام).



وفى التفاصيل.. امتد الحوار ليشمل مواقف الرجل خلال ثورة يناير، واللحظات الأخيرة فى مشهد التنحى، وطبيعة علاقته كنائب لرئيس الجمهورية مع المجلس العسكرى قبل وبعد رحيل مبارك، ثم روى سليمان للمرة الأولى، ربما، وقائع محاولة اغتياله، والأسباب التى دفعته أن يتلو بيان التنحى من مقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع، ثم توقعاته لمستقبل الصراع السياسى فى مصر قبل وبعد انتخابات الرئاسة.

◄ قلت فى البداية: سيادة اللواء، أنت تتابع ما يجرى، كانت ملامح مصر سياسيا قد بدأت فى التشكل، وكانت القوى المدنية قد أوشكت على أن تحقق توازنا فى الساحة فى مواجهة الإخوان، كما أن بعض القوى السلفية أظهرت تفهما للأوضاع ورفضت احتكار قوة واحدة السيطرة على البرلمان والحكومة والجمعية التأسيسية، الآن أنت تعيد البلد بالكامل إلى نقطة الصفر تقريبا، وتسببت فى إعادة مناخ المظاهرات والغضب والخوف من إعادة إنتاج النظام القديم؟
◄ أولا.. أنا ليس لدى أى خصومة مع التيار الإسلامى أو مع الإخوان المسلمين، ربما الخصومة هى مع تيار الجهاد فى تشكيلاته الخارجية التى كان جهاز المخابرات يتابع حركتها فى الخارج، لكن لا خصومة عندى مع الإسلاميين فى الداخل من ناحية المبدأ، كما أن جماعة الإخوان كانت تعلم تماما أن جهاز المخابرات لم يدخل معها فى أى خصومة لأن الجهاز كان يعمل من أجل مصلحة مصر، وليس فى صالح حزب معين أو رئيس بعينه.

جهاز المخابرات كان «الصدر الحنون» للإخوان نتيجة الضغط الذى كانت تمارسه الأجهزة الأخرى، وكنا على اتصال بهم وننصحهم ونتشاور معهم ونناقش معهم المبادرات، أما الأجهزة الأخرى فكان لها أهداف أخرى لمنع الإخوان من الظهور على السطح السياسى، ومع ذلك كان قيادات الإخوان يرتبطون أحيانا بعلاقات جيدة مع قيادات أمن الدولة على حسب الظرف السياسى الذى تمر به البلد.

وعندما تم تعيينى نائبا لرئيس الجمهورية قمت بالاتصال بالإخوان مباشرة لأننى كنت أعرف أنهم يقودون الميدان فى ذلك الوقت، والتقيت اثنين من كبار قياداتهم، هما الدكتور محمد مرسى والدكتور سعد الكتاتنى، للتفاهم على الحل، وأنا لم أبدأ معهم بأى خصومة، ويصدمنى الآن أنهم يوجهون لى اتهامات وشتائم على عكس ما كانوا يقولونه لى فى الماضى، أو على الأقل خلال الفترة التى دارت فيها الحوارات بيننا بعد الثورة، الآن يقولون إننى قاتل ويدى ملوثة، وهذا ضد موقفهم منى شخصيا فى الماضى، وأحيانا أسأل نفسى: (من هذا الذى يشتمه الإخوان وهم يعرفونه، هل أنا هو هذا القاتل ذو اليد الملوثة؟!) أندهش من هذه الاتهامات التى ظهرت فجأة ولم تكن تعبر عن موقفهم من قبل، كل هذا لأننى قررت الترشح، ولا أخفى عليك أننى توقعت هذا الهجوم، وأنتظر حتى يهدأ بخار هذا الغضب حتى نتفاهم.



◄ إذا كنت تعرف من قبل أو توقعت هذا الغضب فلماذا قررت الترشح؟ ألم يكن من الأولى أن تحتفظ بعزلتك وتترك عمرو موسى أو أحمد شفيق مثلا وهما فى النهاية ربما يعبران عما تطمح أنت إليه شخصيا؟
◄ هل طلب الناس هذه الأسماء، الناس طالبتنى أنا بالترشح، الناس أحاطتنى بحبها وجرت مظاهرات ومسيرات عند بيتى وفى ميدان العباسية، وربما لجأ الناس إلى عمر سليمان عندما خافوا من قيام الإخوان المسلمين بترشيح رئيس من الجماعة، ربما كان الناس على استعداد بقبول برلمان يسيطر عليه الإخوان، أو حتى حكومة منهم، لكنهم شعروا بالفزع عندما تراجع الإخوان عن موقفهم السابق بعدم ترشيح منافس فى سباق الرئاسة، وحتى الناس الذين اختاروا الإخوان المسلمين فى الانتخابات شعروا بنفس القلق من وجود رئيس إخوانى وبرلمان إخوانى وحكومة إخوانية، فمن يحاسب من إذن؟ أضف إلى ذلك أن كل من لهم شعبية فى السباق الرئاسى هم أيضا من التيار الدينى، سواء كان الدكتور سليم العوا أو الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، أو الشيخ حازم أبواسماعيل، ومن هنا فإن الناس شعرت بأنها تذهب فى اتجاه واحد، وكان من المهم البحث عن رجل له شعبية لتحقيق التوازن.



◄ دعنى أتشكك قليلا.. هل عمر سليمان هذا العقل الاستخباراتى صاحب الخبرة السياسية والأمنية الكبيرة يمكن أن يقرر خوض الانتخابات بكل هذه البراءة تحت ضغط الجماهير بدون ترتيبات مع أحزاب سياسية أو مع قوى معينة، أو حتى مع الأجهزة أو مع المجلس العسكرى، ربما ما نسمعه عنك لا يوحى بأنك قد تذهب إلى قرار بهذا الحجم بدون تنسيق رفيع المستوى؟
◄ أنا لم أجر أى حسابات، ولم يكن فى نيتى أساسا النزول، وليس عندى حتى الآن بنية تحتية لحملتى الانتخابية، لقد استجبت فقط للمطالب الشعبية، والوضع الحالى أجبرنى على الاستمرار فى المزيد من التضحيات، فنحن نريد لمصر أن تصبح دولة يكون فيها قانون ونظام وديمقراطية وتوازن وحرية تعبير وكل ما طالب به الثوار فى الميدان، لكن حتى الآن لم يتحقق شىء من مطالب الثورة، حتى الآن نحن غرقى فى الاختلافات، وضاع بيننا أدب الحديث والاختلاف، وأصبح العنف من حولنا فى كل شىء، وبهذه الرؤية فقط وبلا حسابات رأيت أن من واجبى أن تكون لى مساهمة فى إصلاح هذا الوضع.



◄ لكن برلمان مصر اشتعل غضبا ضد قرارك، وهو برلمان منتخب ويعبر عن إرادة جماهير مصر، وقد اهتدى البرلمان إلى تعديلات تشريعية تمنعك من الترشح للرئاسة.. هذا البرلمان يعبر أيضا عن الجماهير التى انتخبته؟
◄ اسمح لى أن أقول إننى شعرت بالدهشة الشديدة من موقف البرلمان الذى جاء عبر صناديق الاقتراع، البرلمان جاء بناء على قانون الانتخابات، وأنا ترشحت وفق قانون الانتخابات الرئاسية، وأنا لم أقفز ولم أخالف القانون ولم أطلب شيئا ليس من حقى، ومن الناحية الدستورية أنا لست معاقبا حتى يتم عزلى سياسيا، وكان هذا البرلمان أمامه فرصة ليقوم بهذه التعديلات من البداية إن أراد، وكان الفريق شفيق يخوض الانتخابات منذ البداية، ومضى أكثر من تسعة أشهر فى الاستعدادات، ولكن المسألة ليست فى أحمد شفيق، أو فى قرار عزل لرموز النظام كما يقولون، لكن المواجهة كلها لشخص واحد هو عمر سليمان.



◄ نحن الآن أمام تشريع صدر بالفعل عن مجلس الشعب، فما هى تصوراتك للمواجهة، هل أنت جاهز لتخوض التحدى حتى النهاية؟
◄ أنا أسأل أولاً، هل ستقبل الدولة هذا القانون؟ إن قبلته (فعلى عينى ورأسى).

◄ تقصد بالدولة المجلس العسكرى؟
◄ نعم، وأنا سمعت وزير العدل يحذر من عدم دستورية هذا القانون، وإذا كان القانون دستورياً فسأحترم حكم القانون، وسأكون (متشرفاً) جداً بأن البرلمان الديمقراطى فى مصر أصدر قانونا لمنع عمر سليمان من الترشيح، وسأفتخر بذلك أمام كل برلمانات العالم، وسأحمل هذا القرار على صدرى وأذهب إلى كل برلمانات العالم لأقول: (أنا الرجل الذى اجتمع برلمان ديمقراطى فى مصر على منعه من ممارسة حقوقه الديمقراطية بلا سبب)، وهذا لن يؤثر على معنوياتى أو على ثقتى فى نفسى، فأنا كنت على استعداد للتضحية لتغيير صورة مصر التى تعرضت لكثير من التأثير فى كل العالم، أنا لا أصارع على العرش حتى أحزن على فقدانه، فالأكيد أنه لم يعد هناك عروش فى مصر الآن بعد الثورة، أصبح المنصب هو مكان للعمل والجدية لخدمة البلد، وليس من أجل الجاه والسلطان، الآن الكل يعرف أن الثورة تم خطفها، حتى هؤلاء الذين خرجوا فى مليونية ضدى هم الذين اختطفوا هذه الثورة وأضاعوا هذه الثورة.



◄ أنت تتهم من نظموا المليونية ضدك بأنهم اختطفوا الثورة؟
◄ قل لى أنت، هل من المعقول أن الشباب يقوم بالثورة، ويضحى بنفسه وبروحه ودمائه، ثم بعد كل هذا الجهد يخرج كل هؤلاء الشباب خارج المعادلة، وتستفيد تيارات أخرى بكل ثمار هذه الثورة دون غيرها.



◄ أنت هنا تلقى الكرة فى ملعب المجلس العسكرى فى مواجهة القانون، فما هى سبلك القانونية أنت، هل لديك تصور للمواجهة؟
◄ أنا لا أعرف ما الذى سيقرره المجلس العسكرى، ولكن إذا وافق المجلس العسكرى على القانون ولم يحل إلى المحكمة الدستورية، سأقيم دعوى قضائية أمام مجلس الدولة لكى أحتفظ بحقوقى القانونية، فأنا لا أستطيع أن أذهب من تلقاء نفسى إلى المحكمة الدستورية كمواطن فرد، ولكننى سأطلب من القضاء الإدارى، فى حالة تصديق المجلس العسكرى، أن يحيل الأمر بكامله إلى الدستورية، أما إذا قرر المشير إحالته للمحكمة الدستورية فلا داعى لأن أقيم دعوى بنفسى.

◄ ممكن خلال هذه الفترة تكون الانتخابات قد تمت بالفعل، وستكون أنت خارج السباق؟
◄ أنا أميل إلى التحدى وعدم الاستسلام، لكننى فى النهاية سأحترم القانون، وسأمضى فى طريقى بكل الوسائل القانونية، ولن أقدم على شىء خارج القانون.



◄ البعض يرى أن المجلس العسكرى (سعيد بوجودك) وسعيد لهذه الحالة التى دخلت فيها البلد بعد قرارك بالترشح، ربما يتقاسمون معك نفس المشاعر التى ترغب فى (اللعب مع الإخوان)؟
◄ لا أستطيع أن أصدق على هذا الكلام تماماً، ولكن أؤكد لك أن المجلس العسكرى فوجئ مثل كثيرين بقرار الترشح، فأنا كنت ألتقى قيادات فى المجلس لمناقشة قضايا لا علاقة لها بمسألة الترشح، وفى المرات الأخيرة كنا نتحدث عن المستقبل السياسى لمصر، وكانت هناك بعض المشاورات، فهم يستمعون لى كما يستمعون لتيارات وشخصيات وقوى أخرى للتفكير فى العبور من هذا المأزق للبلاد، ووقتها كانوا هم على يقين بأننى لن أخوض الترشح نهائياً، وأنا شخصياً أكدت لهم ذلك، ولكن بعد التحركات الجماهيرية المطالبة بترشيحى، وبعد المسيرات أمام البيت وفى الميادين دفعنى لأن أتحرك، فأنا كنت ألوم نفسى أحياناً وأشعر أن لدى دورا يمكن أن أقوم به، ورغم تأخرى عن القرار كان المواطنون ينحازون لى، وقد قام الناس بمعجزة حقيقية فى جمع التوكيلات فى زمن قياسى، والمجلس العسكرى فوجئ بقرار الترشح بعد كل هذه التطورات.



◄ أنت علاقتك جيدة بالمشير، ألم تفكر فى الاتصال به ولو لدقيقة واحدة، تطلعه على هذا الموقف؟
◄ المشير نفسه يعرف أننى لم أكن أنتوى ذلك، فقد تحدثت معه بعد التنحى وكان يعلم رغبتى فى العزلة، وقد أوضحت له حينذاك أننى قد أفكر فى السفر خارج مصر، ولكنه وقتها سألنى: «ليه»، ولم يتحمس لهذه الفكرة.

◄ وسط كل هذه المفاجآت فى الترشيح، هل قمت بتجهيز برنامج محدد تطرحه على الناس من هؤلاء الذين لا يعرفون شيئاً عن عمر سليمان سوى أنه نائب رئيس جمهورية لأقصر فترة فى تاريخ مصر، ورئيس جهاز المخابرات السابق؟
◄ أنا لم أجهز شيئاً على الإطلاق، حتى تشكيل الحملة ليس جاهزاً بعد، وليس لدى أى بنية تحتية، أو برنامج حتى الآن، لأننى لم أكن أفكر فى هذا الموضوع، ولو استمر ترشيحى سأقوم ببعض الزيارات للمحافظات، وسأعتمد على محبة الناس ورغبتهم فى وجود رئيس مختلف.



◄ لكن التيار الدينى والإخوان خاصة والذين تتحسب أنت من سيطرتهم الكاملة على كل شىء حسب رأيك، قد يلجأ إلى ردود فعل أشد غضبا أو عنفاً، كيف تتوقع هذا المشهد حسب خبراتك الاستخباراتية؟
◄ أنا ليس لدى أى خصومة مع التيار الإسلامى، وأشرت إليك قبل قليل أن علاقتى بهم كانت جيدة، وكنت أحاول كثيراً تخفيف الضغط عنهم، لأن النظام السابق كان يضع الكثير من الضغوط عليهم فى مناسبات مختلفة، وحسب التصورات الأمنية فى ذلك الوقت، ولكن لعلك تلاحظ الآن، عندما رفع الضغط عنهم تسرعوا إلى حد الرغبة فى السيطرة على كل شىء، وربما كان الأفضل أن ينتظروا أربع أو خمس سنوات لحين تهيئة البلاد ووصولها إلى الاستقرار.

◄ أنت تشير إلى النظام السابق كان يضع ضغوطا عليهم، فى حين أنك كنت ركنا أساسيا فى هذا النظام، فهل تتبرأ من هذه الضغوط الآن؟
◄ المخابرات العامة لم يكن لها علاقة بأى من هذه التصورات السياسية والأمنية، ولم نكن نشارك فى أى نوع من هذه الضغوط، على العكس تماما كنا نحن من نفتح الحوار، ونرسل الضباط من الجهاز لمناقشة سبل حلول الأزمات والوصول إلى مبادرات أو تسويات سياسية مع قيادات الإخوان، كل عملنا كان فى الخارج لمواجهة تأثير القيادات الهاربة من الجهاد وأثر ذلك على العمليات التى يمكن أن تحدث فى مصر حفاظا على أمن البلد، وحماية لاقتصادها، ولم يكن لدى الجهاز أى دور فيما يجرى فى الداخل.



◄ لكن الرئيس السابق كان يستمع إليك وإلى نصائحك، فهل كنت تشير إلى هذه الضغوط فى السابق؟ 
◄ كان لمبارك وجهة نظره السياسية الخاصة، فالرجل كان ينظر إلى هذا التيار بكثير من الشكوك، وكان يرى أنهم تآمروا على مقتل كل رؤساء مصر، فخططوا لقتل عبدالناصر، وشاركوا فى قتل الرئيس السادات، ثم خططوا لقتل مبارك نفسه ثلاث مرات، والأمر هنا لم يكن سهلا على رئيس يعرف أن تيارا بعينه لن يتردد فى حمل السلاح أو قتله هو شخصيا إن استطاع للوصول إلى السلطة، ومن هنا كانت سياسة الرئيس هى المواجهة.



◄ ما الذى يضمن ألا يعود نفس نهج مبارك لاحقا إذا توليت أنت الرئاسة، فخوف التيار الإسلامى هنا مبرر لأنك كنت جزءا من هذه السياسة؟ 
◄ شكل المستقبل يحدده سلوك هذا التيار نفسه هل سيمضى فى طريق الديمقراطية السلمية، أم فى طريق العنف، فأنت أمامك الأحزاب الأساسية فى البلد لم تكن تتعرض لأى نوع من التهديد رغم معارضتها للنظام، الوفد مثلا لم يتعرض لأى مشكلة.

◄ هذه الأحزاب كانت خاضعة لضغوط مختلفة، وكانت تتعرض للتضييق بفعل قانون الطوارئ وغيره من الإجراءات الاستثنائية التى كانت تحول دون وصولها للسلطة أو مشاركتها فى صناعة القرار بالوسائل الديمقراطية السلمية، وقد رأيت أنت كيف استطاع الوفد أن يحصد عددا كبيرا من مقاعد البرلمان بعد الثورة، بينما كان نشطاؤه ونوابه محاصرين قبل الثورة؟
◄ الطوارئ كانت لأسباب متعلقة بالإرهاب، لكن الوفد لم يكن مخنوقا أو التجمع أو غيره، لكن كان هناك لعب فى الانتخابات، وأنا كنت أختلف مع هذا التوجه، وتحدثت إلى الرئيس بعد الانتخابات الأخيرة وقلت له إن الطعون وصلت إلى 400 طعن، ومن ثم فمن الأولى حل مجلس الشعب لتخفيف حالة الاحتقان والغضب لدى الشعب المصرى وطلبت أيضا تغيير الحكومة.



◄ وماذا قال وقتها، ولماذا ارتكب هذا الخطأ الفادح بكلمة «خليهم يتسلوا»؟ 
◄ وافق أولا على ذلك، وأكد أنه سيحل المجلس، لكن بعد ذلك قامت قيادات الحزب بعرض رؤية أخرى وقالوا له إن هذا هو جهدنا فى الانتخابات ونفوا له وجود تزوير.

◄ تقصد أن مبارك كان يمكن أن يدير ظهره لمعلومات الرجل الأول فى جهاز المخابرات، ويستمع إلى قيادات منتفعة داخل الحزب؟ 
◄ أنا كان عندى معلومات أكيدة عن التزوير، لكنه ذهب فى الاتجاه الآخر، وقلت له عندما غير موقفه، إنه حتى إذا كان ما يقولونه صحيحا وأن ما جرى هو حصاد جهدهم الخاص، فالضرورة السياسية هى احتواء الغضب، ولا يجوز أن تجتمع ببرلمان تقدم ضده 400 طعن، ولكن بخصوص من الذى كان يستمع إليه الرئيس، فيجب أن تعلم أن كل رجل فى الدولة كان له دور يؤديه، وأنا دورى الأساسى لم يكن فى الشأن الداخلى بل كل ما يتعلق بتهديد الأمن القومى فى مصر، وفى هذا الإطار كان الرئيس يستمع لى فى المقام الأول، أما فى الشؤون السياسية والحزبية فكان هناك عدد آخر من القيادات الحزبية يستمع إليهم الرئيس السابق ويصدقهم، كما أن وزير الداخلية كان له دور واسع فى هذه التقييمات الداخلية.

◄ لكن كل هذه الأجهزة والمؤسسات والمستشارين والرجال لم يستطيعوا التنبؤ بالثورة أو حماية البلد من الانفجار الكامل وتحقيق إصلاحات تحقق أمل الناس فى التغيير؟ 
◄ لأ، هذا الموضوع كان معلوما لدينا من عام 2007 بأن هناك تخطيطا لتغيير الأنظمة العربية بواسطة الحشد الجماهيرى، وهذا البرنامج تم تنفيذه مع الشباب لتدريبهم على مقاومة السلطات وإسقاط الأنظمة فى إطار خطة الفوضى الخلاقة، وكنا نتابع كل شىء فى هذا المقام، وتحركات أمريكا لتنفيذ الفوضى الخلاقة فى مصر، وكنا نتوقع كل ما جرى وكانت تقديراتنا أنها مظاهرة كبيرة، ومرت المظاهرات يوم 25 بلا مواجهة وبلا دم سوى حالة واحدة فى السويس، ولكن عندما دخلت التيارات الدينية وسيطرت على هذه الحشود تغير الموقف.



◄ لكن النظام رد على الثوار بموقعة الجمل، فهذه المؤامرة كانت هى المسمار الأخير فى نعش مبارك، ولو كانت النوايا صادقة فى التغيير ما جرى هذا العدوان على الناس فى الميدان؟ 
◄ لا أريد الحديث عن ملف أمام القضاء ولكن هناك من يرى أن معركة الجمل كانت مجرد صدفة.

◄ قاطعت.. صدفة إزاى يعنى؟ 
◄ أنا لا أريد مرة أخرى التدخل فى عمل القضاء وأروى لك فقط بعض ما قاله شهود هذه الوقائع من أن نية الناس لم تكن تقصد الاشتباك، هذه شهادات والقضاء هو الذى سيحكم فى النهاية ولكن سقوط دم وشهداء كان أمراً حزيناً جداً لمصر كلها.

◄ كيف تقيم سنوات حكم مبارك إذن؟ 
◄ هناك سلبيات وإيجابيات فى هذه الفترة فمبارك خدم مصر كثيرا طوال عشرين سنة من حكمه، وفى السنوات العشر الأخيرة كان هناك بداية تفكير فى تطوير الحزب الوطنى وإنشاء لجنة السياسات وتمهيد الأرض للتوريث، ومبارك لم يكن متحسبا لنتائجها على نحو كاف، فقد تم تعديل الدستور رغم رفض مبارك شخصيا لهذا التعديل، لكن الحزب أقنعه بهذا التعديل وقالوا له إن هذا جزء من التحول الديمقراطى لأنه لا يوجد سوى بلدين فقط يتم فيهما انتخاب الرئيس من البرلمان هما كوريا الشمالية وسوريا، والحزب أقنعه بضرورة تغيير الدستور للانتخاب الحر، وأنا شخصيا قلت له إن أردت التغيير والتحول للديمقراطية فيجب أن يكون هذا فى عدم وجودك، أى أن يتم الأمر من بعده أو أن يمتنع هو عن ترشيح نفسه، وألا يكون جمال، لكن تعديل الدستور ثم خوض الانتخابات وأنت فى السلطة فالأمر كله سيظهر على نحو صورى، لكن الحزب استطاع أن يؤثر على موقفه بالتغيير.

وفى 2007 ظهر تفصيل التوريث، وقلت له حينها بأنه منح المعارضين مادة للهجوم على النظام، والناس ستفهم أن مصر لن تصبح ديمقراطية أبدا، ووقتها كان يشعر بالضيق، ويشعر أنه تورط فى ذلك، ثم فكر عندها فى تعيينى نائبا لرئيس الجمهورية لهدم فكرة التوريث بعدما اكتشف هذه الورطة، لكن حدث ضغط كبير عليه لعدم تعيينى لأن الحزب لم يكن يريد نائبا لرئيس الجمهورية فى ذلك الوقت، وعارضوا قرار الرئيس بشدة، والرئيس كان يلتزم الصمت لتفادى أن يدخل صراعا عائليا سواء مع ابنه أو السيدة زوجته.

◄ هذا الحزب لم يكن حزبا حقيقيا، كنا نشعر نحن أنه مجرد كومبارس، الآن أنت تصوره باعتباره صاحب اليد الطولى على الرئيس، وأن كل ما تقوله أنت أو أركان النظام أمنيا واستخباراتيا وكل أجهزة الدولة كان بلا قيمة فى مواجهة ما يقوله قيادات الحزب؟ 
◄ لأ، الحزب كان مؤثرا جدا على قرارات الرئيس بما يخص الحزب.



◄ والمخابرات؟ 
◄ لم يكن لنا الكلمة الأولى فى الشأن الداخلى أو فى المسائل الحزبية، والحقيقة أن قيادات الحزب الكبيرة مثل صفوت الشريف أو زكريا عزمى لم يكونوا مع التوريث، لكن الشباب الذين تحلقوا حول جمال كانوا هم الأكثر تأثيرا، ومبارك نفسه لم يقل أبدا بالتوريث، ولم يخطط شخصيا لذلك وكان يشعر أن مصر كبيرة جدا على ابنه.

◄ إذا كنت أنت بعيدا عن كل هذه الشؤون الداخلية فلماذا تدخلتم شخصيا فى مسألة بيع الغاز لإسرائيل، نحن نشرنا وثيقة فى «اليوم السابع» قبل أيام لم ترد أنت عليها تحمل توقيعك وموجهة إلى وزير البترول وتحمل توجيهات بشأن بيع الغاز لإسرائيل؟ 
◄ لا أريد أن أخوض فى ملف الغاز لأن القضية أمام القضاء، ولكننى أريد أن أشير إلى نقطتين أساسيتين هنا فى هذا المجال، فجهاز المخابرات العامة من ضمن تكليفاته الحفاظ على السلام، لأن السلام كان مكلفا جدا، كلفنا آلاف الشهداء ربما أكثر من مائة ألف شهيد، وخسائر مادية هائلة، وتفاوض قاس حتى نصل إلى ما وصلنا إليه فى معاهدة السلام، وإسرائيل ليست مهتمة بالورق والمعاهدات، فإن لم يكن الورق فاعلا فسيكون بلا معنى، وكان يجب أن نفكر كيف تكون هذه المعاهدة فاعلة، خاصة أننا لم نكن نريد الحرب كبلد فأرضنا محررة ومواردنا يمكن أن تتوجه للتنمية الداخلية، وبالتالى كان علينا أن نفكر فى طريقة للتفعيل والتأثير، ومن هنا كان التفكير فى المصالح المشتركة لإبعاد الفكر العدائى عن العلاقة بين البلدين، ونحن نصدر لكل الدنيا هذا الغاز وبالتالى يمكن الاستفادة من التصدير ليكون لنا تأثير داخلى، وكان بين أيدينا %40 من كهرباء إسرائيل وبالتالى سيكون لنا نفوذ عليها يمكن استثماره فى القيام بدور فى حل القضية الفلسطينية، وفى مقابل صفقة الغاز عقدنا صفقة الكويز التى رفعت صادراتنا من 400 مليون دولار إلى أكثر من 4 مليارات دولار وشغلت 400 مصنع فى مصر.

ومن هنا، جهاز المخابرات يفكر باستمرار فى المصلحة القومية، ولذلك كان من مصلحة مصر أن نشغل 400 مصنع ونضاعف الصادرات ونحقق تأثيراً سياسياً إقليمياً على دولة إسرائيل على النحو الذى شرحته لك.

◄ بهذا المنطق هل ترى أن سامح فهمى نفذ سياسات خاصة بالدولة دون أن يكون طرفا فيها من قريب أو بعيد؟
◄ المسألة مع سامح فهمى تتعلق بالتسعير، والتسعير لا يدخل فى هذه السياسة، لكن حتى التسعير يخضع للأسعار العالمية، ولكن عندما أرادوا توجيه اتهام لوزارة البترول جاؤوا بلجنة ربما لم تطلع جيدا على ملف التسعير العالمى وبالتالى بدا وكأن هناك إهدارا كبيرا وأنا أعتقد أنهم مظلومون، وربنا يفك أسرهم.

وعلى فكرة الرئيس السابق نفسه عارض التسعير وأرسلنى إلى أولمرت لكى أطلب منه الضغط على شركة الكهرباء وتعديل السعر إلى 3 دولارات، وأولمرت وافق لأنه كان لدينا نفوذ فى هذا المجال، والإسرائيليون عندما انسحبوا من غزة رفضوا الانسحاب من شريط صلاح الدين مما يجعل الأمر بلا معنى، وأرسلنى الرئيس إلى شارون وأقنعته بذلك، وشارون قال لى إن الفلسطينيين «سيتعبوننا» من الناحية الأمنية، وأصر مبارك على الانسحاب من جميع المناطق لتحقيق فرحة كاملة بالانسحاب من غزة.



غدا فى الجزء الثانى من الحوار:

◄ عمر سليمان يروى تفاصيل محاولة اغتياله بعد خروجه من مبنى المخابرات العامة فى كوبرى القبة
◄ تفاصيل الاجتماع الأخير مع المشير طنطاوى والفريق أحمد شفيق فى مقر وزارة الدفاع قبل بيان التنحى

◄ نائب الرئيس السابق يحذر: أخاف على مصر من دخول معسكر العداء مع إسرائيل بعد سيطرة الإخوان على الحكم 
◄ سيناء قد تتحول إلى ساحة لإطلاق الصواريخ ونتورط فى حرب جديدة إذا قررت إسرائيل فرض شريط حدودى
لقراءة الجزء الثاني   أضغط هنا
: شــــارك أصـــدقــائـــك

شاركنا علي الفيس بوك

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
Copyright © 2012. طازة - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website Published by Mas Template
Proudly powered by Blogger