أخشى أن تكرر قوى الثورة أخطاءها الفجائعية وتخوض معركة الانتخابات الرئاسية لصالح الإخوان المسلمين حين تحارب بمنتهى الحماس عمر سليمان فتعمل بمنتهى الخيابة لحساب خيرت الشاطر!
بالتأكيد لا يوجد ثورى واحد يمكن أن ينتصر لعمر سليمان، فهو يمثل كل ما ثار الثوار ضده فى عهد مبارك، لكن أيضا لا يوجد ثورى واحد يمكن أن ينتصر لقوى ظلامية متشددة تريد تحويل مصر إلى دولة المرشد وبلد مليونيرات الإخوان أو إمارة أفغانية أو تعود بنا إلى القرون الوسطى!
ليست مهمة القوى الاحتجاجية والثوار وتيار الدولة المدنية الهجوم على عمر سليمان والإفراط فى الاندفاع المخلص لخوض حرب ضد هذا الرجل واستنزاف الجهد والطاقة فى مطاردة سليمان فى الانتخابات الرئاسية، سواء بمظاهرات أو اعتصامات أو مُلصَقات أو وقفات أو مسيرات (ربما يكفى التنكيت والتبكيت على الإنترنت)، فالحقيقة أنهم فى هذه الحرب ضد نائب مبارك يخوضون معركة الإخوان المسلمين ويحاربون حربهم بالنيابة عنهم وبالوكالة عن الجماعة التى ستستفيد فى النهاية بكل انتهازية من نضال القوى المدنية وتركب على نجاح شباب الثورة وتكسب خناقتها مع عمر سليمان من خلال كفاح أبناء الثورة ومخلصيها ورجالها وقواها، كأننا نمنح مكافأة أخرى لهذه الجماعة التى لم تفعل منذ 25 يناير إلا خيانة فاضحة فادحة للثورة والثوار!
طيب ما الحل؟
الحل ندعهم يصطفيوا مع بعض، واللهم اضرب الظالمين بالظالمين، وليخُضِ الإخوان معركة الانتخابات ضد خصمهم عمر سليمان بالطريقة التى يُجيدونها، التشويه والدعاية السوداء والحشد والتعبئة والسكر والزيت والأنبوبة والادعاء أنهم بتوع ربنا!
ولعمر سليمان أن يقود معركته مع الإخوان بالأدوات التى يجيدها من إثارة الذعر والرعب فى قلوب الناس من هذه الجماعة وبالاتهامات التى اعتاد سليمان ونظامه أن يرددوها ضد الإخوان بينما كانت الحصيلة أنهم تركوا الإخوان قوة اقتصادية ومالية هائلة ركبت فوق ثورة المصريين واستغلتها ومصمصت عظمها من أجل شهوتها النهمة للسلطة والنفوذ!
صعود الإخوان بعد الثورة دليل حى على فشل عمر سليمان ونظامه وأجهزته ورجاله فى وقف أو تحجيم قوة الإخوان، فكانت لديها القدرة على النط على الثورة وتخويف المجلس العسكرى وامتلاك البلد «شعبها» و«شوراها»، بينما الذين يهللون لترشح سليمان يروجون أنه الوحيد القادر على مواجهة الإخوان… تيجى ازّاى؟ إذا كان وهو فى موقعه القديم مع رئيسه الكاره للإخوان قد فشلا فى تكسير ضلوع هذه الجماعة، فكيف يقدر على مواجهتهم الآن، وقد تمكن الإخوان من البرلمان والدستور وسيطروا على المجلس العسكرى وقراراته؟! لكن لنَدَع الغول والغولة فى معركة الرئاسة ولتتفرغ قوى الثورة والجماعات الاحتجاجية والتيار المدنى للدعوة إلى المرشح الذى يريدونه ويعتقدون أنه ممثلهم فى هذه الانتخابات!
الأجدر الآن لأنصار عبد المنعم أبو الفتوح الذين يرون فيه مرشحا وسطيا يمثل جسرا بين تطبيق الشريعة الإسلامية وتوفيق أوضاع الدولة المدنية أن ينتصروا له ويدعوا لانتخابه ويوفروا كل جهودهم فى دعمه، بدلا من توزيع مضطرب للجهد واستنزاف منشغل للقوى بالهجوم أو حتى التوقف عند عمر سليمان أو غيره!
والأهم بالنسبة إلى أنصار عمرو موسى الذين يعتقدون أنه الممثل الأصفى للدولة المدنية أن يكرسوا جهودهم للدعاية له والوقوف بجانبه بدلا من تضييع الطاقة وإهدار الوقت فى عمر سليمان أو حتى خيرت الشاطر!
وأكثر ما ينتظره حمدين صباحى وأيمن نور وأبو العز الحريرى وهشام بسطويسى وخالد على هو دعم شباب الثورة وثوار يناير لهم بكل ما يملكون من خيال وقدرة وقوة وإبداع ووقت وجهد وعطاء وتصميم، لا أن يبددوا جهودهم ويجهدوا أنفسهم فى حملات تحذير أو تنفير أو هجوم على عمر سليمان!
عمر سليمان موضوع إخوانى الآن، وقد كانت صفقتهم الرخيصة مع المجلس العسكرى أو قدرتهم الهائلة على التأثير على المشير والفريق وراء ترشح عمر سليمان، والثابت أن عمر سليمان لم يلتقِ ولم يقابل المشير طنطاوى ولا الفريق عنان منذ تنحى مبارك ولم يجلس مع أى جنرال من المجلس العسكرى، طيلة الأربعة عشر شهرا الماضية، بل والمؤكد أن المشير لم يكن على علاقة طيبة مع عمر سليمان وهما تحت قيادة مبارك، بل كان الرئيس السابق حريصا على توتير العلاقة بينهما لمنع تحالفهما ضده، وكانا متنافسين على قلب مبارك وقراراته، وليس صحيحا أنهما تعاونا من قبل معا، والراجح عندى -وأظن أننى أعتمد على مصادر موثوق بها- أن المشير طنطاوى لم يكن يريد ترشيح عمر سليمان إطلاقا، بل إنه لن يكون سعيدا لو فاز سليمان بالرئاسة، ويبدو، على عكس كل التصورات الرائجة فى السوق السياسية، أن المجلس العسكرى يفضل فوز مرشح الإخوان (مع احترامى لمسرحية خلافهما الوهمى الذى يصدقه سُذَّج القوى المدنية!) حيث قرر «العسكرى» أن لا يعفو عن مصر الثورة حين قرر أن يعفو عن خيرت الشاطر!
التحرير