وظيفة النقيب
إن تحديد وظيفة النقيب بدقة ووضوح ، تساعده على حسن أداء عمله ، بل تساعده على تقويم عمله تقويما جيدا على ضوء أبعاد هذه الوظيفة ومتطلباتها . ونستطيع أن نسرد من وظائف نقيب الأسرة أمورا كثيرة ؛ دأبت الجماعة على أن تكلفه بها ، بل تجعلها وظائف أساسية له كقائد ومرب ونقيب .
من هذه الوظائف الحيوية للنقيب وللأسرة نفسها بل للجماعة كلها ما يلى :
1- أن يجد إخوانه فيه قدوة تحتذى ، من حيث خلقه وسلوكه ، وما يحب وما يكره ، وإخلاصه لدينه ولدعوته ، وولاؤه لعمله وفكرته .
فليس للنقيب أبدا أن يطالب إخوانه بعمل لا يلتزم هو بأدائه ، ولا ينهاهم عن شىء يأتيه هو ، فإن ذلك يفقده الصفات الأساسية لنقيب الأسرة . وإذا كانت أول درجة فى وظائف النقيب أن يكون قدوة لإخوانه ، فليعلم أن ذلك ليس بالأمر الهين ، فليستعن عليه بتقوى الله والاستقامة .
2 - أن يربط إخوانه بالدين والدعوة والفكرة والمنهج ، ولا يربطهم بنفسه ، أو غيره من الناس ، لأن الأفراد إلى زوال ، والمبادىء فى دوام واستمرار ، وهذا فارق ما بين الجماعة والأحزاب ، وتلك وظيفة هامة للنقيب ، يربى رجال مبادئ ، لا رجالا يحسنون ا التبعية لرجال مثلهم .
3 - غرس عميق لمبادئ الشريعة وموازينها ، وحكها على الناس والأشياء فى نفوس أفراد الأسرة ، بحيث يتحاكمون دائما فى التعرف على الناس والأشياء ؛ بموازين الشريعة ، لا بما تعارف عليه الناس من موازين ، وذلك أمان من الانحراف عن الصراط المستقيم وضمان للاستمرار فيه .
4 - غرس المحبة والنقة فى نفوس أعضاء الأسرة ، فهم أعضاء أسرة واحدة ، وهذا حسبهم ليتحابوا ويتوادوا ، والنقيب مسئول عن تنامى هذا الحب وتلك الثقة .
5 - اكتشاف مواهب إخوإنه ، والتعرف على إمكاناتهم وطاقاتهم ، لتنميتها وتوجيهها وتوظيفها لصالح الفرد والجماعة والمجتمع والدبن .
ولهذه التنمية وذاك التوجيه والتوظيف ، وسائله المعروفة فى تاريخ الجماعة
6 - تلافى كل نوع من القصور الثقافى ، أو العلمى أو العملى ، أو التنظيمى فى إخوانه ، بوضع البرنامج الملائم لتلافى هذا القصور ، ولا ينبغى للنقيب أن يغفل عن هذه الحقيقة أبدا - حقيقة أن فى بعض الأعضاء قصورا - وأن عليه هو أن يتلافى هذا القصور بمودته وأخوته ، وواقعيته وجديته ، وإيثاره الحق على كل شىء .
7 - مشاركة إخوانه فى العمل ومساعدتهم فيه ، فإن ذلك من شأنه أن يبث فيهم روح الحماس والجدية والمثابرة والانضباط ، بها صفات مطلوبة فيهم ومطالب بها النقيب ليحققها فى إخوانه .
8 - تشجيع الحوار والحرص على الاستماع لآراء كل واحد منهم ، حتى يقول كل ما عنده ، لأن ذلك هو الذى يجعل منهم رجالا إيجابيين ، قادرين على تكوين الرأى ، ومناقشة الرأى الاخر ، ولا يقبل من النقيب بحال أن يربى إخوانه على أساس أنهم نسخ متكررة من أصل واحد ، مهما كان هذا الأصل جيدا جذابا .
9 - ملء فراغ الأوقات عند إخوانه - إن وجدت - ، فإن أسوأ ما يضر الإنسان أن يجد عنده من الوقت ما لا يعرف كيف ينفقه ، إذ يعطى هذا الفراغ فرصة لوسوسات الشياطين - والعياذ بالله - وفى الحق ، إن الأمة الإسلامية بظروفها الراهنة ؛ لا تجد الوقت الكافى الذى تتمكن فيه من النهوض مما هى فيه ،
فكيف يكون عند أفرادها فراغ ؟ هذا هو الأصل ، ولكن إن وجد الفراغ فعلى نقيب الأسرة أن يعمل على ملئه بالمفيد النافع ، من القراءة ، وارتياد المسجد ، وزيارة الصالحين ، والاجتماع على العبادة والذكر ، وعيادة المرض ، وزيارة القبور ، وإعداد البحوث والدراسات ، والتدرب على الحرف النافعة وما إلى ذلك مما تحدثنا عنه انفا .
10 - من أبرز وظائف النقيب ، أنه همزة وصل بين إخوانه والقيادة ، سواء أكانت هذه الصلة ذات توقيت منتظم أو غير منتظم ، ويستطيع أن يعد ما بين ان واخر لقاء لإخوانه مع قيادته ، لتوثيق الرابطة وجمع القلوب على الخير ، وزيادة الحماس والفاعلية فى العمل والاستفسار عن بعض الأمور التى تهم الجماعة فى حاضرها أو مستقبلها ، والتعرف على طرف من تاريخ الجماعة وجهودها فى مجال تربية ا لأفرا د .
هكذا كانت وظيفة نقيب الأسرة فى تارخ الجماعة وكما دلت على ذلك وثائقها و تحليل تاريخها الفكرى ، والتربوى ، جاء ذلك على لسان من كتبوا عن الجماعة ، فأرخوا لها ولوسائل التربيه عندها ، سواء أكان هؤلاء الكتاب من العلماء المحايدين الذين يؤثرون الحق ويتخذون الموضوعية منهجا فيما يكتبون ، أو كانوا من أولئك الذين كتبوا عن الجماعة من أدعياء العلم ، الذين كان منهجهم فى الكتابة إرضاء الحكام الذين بطشوا بالجماعة ، أو التقرب من أعداء الإسلا م الذين يوجهون الحكام ويزينون لهم البطش بكل ماهو إسلامى .
هؤلاء وأولئك تحدثوا عن الأسرة كوسيلة أولى من وسائل التربية عند الإخوان المسلمين .
وأما متابعة النقيب بعد تسلمه مهمة إعداد الأسرة لمعرفة مدى ما حققه من فراغ
وهو الدعامة الثالثة - فإنه كان يترك لكل مسئول عن الشعبة ، يتابعه بالأسلوب الذى يراه .